اليوم العالمي لحقوق الإنسان: "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تناشد باحترام حقوق الإنسان و محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في ليبيا

10/12/2014

اليوم العالمي لحقوق الإنسان: "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تناشد باحترام حقوق الإنسان و محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في ليبيا

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يحتفل بذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، تطالب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. فقد شهدت ليبيا تصعيداً لأعمال العنف وحالة عدم استقرار في كافة مؤسسات الدولة، نجمت عنها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وفظائع إنسانية تكرّرت على مرّ العام الماضي. ولمّا كان موضوع اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة يتمحور حول الحاجة إلى صون حقوق الإنسان وحمايتها كلّ يوم من أيام السنة، تودّ "محامون من أجل العدالة في ليبيا" في هذه المناسبة التركيز في انتهاكات حقوق الإنسان التي عانى منها الليبيون في حياتهم اليومية على مرّ العام 2014. وتدين "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بشكلٍ خاص، وبشدة، الاعتداءات المتكرّرة على المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وانتشار أعمال التعذيب المستمرّة وزيادة عدد الأشخاص المشرّدين داخلياً في ليبيا. 

الاعتداءات على المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان

اعتباراً من شهر مايو الفائت، أدّت الاعتداءات العشوائية على أيدي الجهات المسلّحة كما سبق لمنظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن أفادت في تقاريرها، إلى زيادة في حالات الوفاة في صفوف المدنيين. وقد ساهم في هذه الزيادة أيضاً الاستخدام المكثف لصواريخ غراد، وقذائف الهاون، والمدفعيات، والمدافع الرشاشة المضادة للطائرات في المناطق المأهولة بالسكان  المدنيين. وعلى الرغم من غياب  أيّ تقارير رسمية شاملة تبيّن أعداد الوفيات المسجّلة منذ شهر مايو 2014،  فقد أفادت منظمة "ليبيا بودي كاونت" المدنية عن سقوط 2404 قتلى في ليبيا، منذ مايو 2014. صحيح أنّ هذا الإحصاء لا يشير بدقة إلى عدد الأفراد الذين لاقوا حتفهم في هذه الفترة، إلاّ أنه يدلّ حتماً على اتجاه مقلق  تشهده البلاد.  

خلال عمليات القتال الأخيرة التي هزت البلاد، تعرّض عدد من المباني المدنية للقصف والتدمير، وهو أمر يتنافى مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. فبتاريخ 17 يوليو، استهدف مستشفى العافية الذي يقع على مسافة قريبة من مطار طرابلس بقصف بالقذائف، وفي 21 سبتمبر، تمّ الاعتداء على مستشفى الزهراء، ما استوجب إخلاؤه على الفور من المرضى والموظفين. ومنذ فترة وجيزة جداً، في السابع من ديسمبر، شهد مركز بنغازي الطبي أيضاً سقوط عدد من القذائف في محيطه. من جهة أخرى، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لم تعد اللوازم الطبية متوافرةً بالحدّ الكافي في ليبيا، ما يشكّل مدعاةً للخوف والقلق، سيما وأنّ وزارة الصحة الليبية قد لفتت إلى أنّ أعمال العنف قد دفعت بعدد كبير من الأجانب إلى مغادرة البلاد، وهم يشكّلون ما يقارب نسبة 80% من العاملين في القطاع الطبي في المستشفيات الليبية. إنّ هذا النقص في الموارد والموظفين قد أدّى إلى أزمة طبية تسبّبت بدورها في وفاة الكثير من الليبيين متأثرين بحالاتٍ أو أمراض قابلة للعلاج. 

هذا ويبقى الخوف من حالات الاختطاف ومحاولات الاغتيال سائداً في ليبيا في العام 2014، بعد أن استهدفت هذه الأعمال المعنيين بالدفاع عن حقوق الإنسان من ناشطين، وأفراد في المجتمع المدني، ومحامين، وصحافيين، وقضاة. فقد اغتيل الناشطان الشابان توفيق بن سعود وسامي الكوافي في بنغازي ليلة 19 سبتمبر في سياق سلسلة من 14 عملية اغتيال شهدتها البلاد ذلك اليوم.  وخسر المجتمع المدني باغتيال الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة سلوى بوقعيقيص صوتاً حراً من أصواته في 25 يونيو. يوم الحادثة، قام قاتلوها أيضاً بخطف زوجها عصام الغرياني، الذي لا يزال مفقوداً حتى هذا اليوم. لا شكّ أنّ هذه الأحداث قد عرقلت سير نشاطات المجتمع المدني اليانع في ليبيا، ودفعت بالكثيرين إلى مغادرة البلاد ملتجئين إلى الدول المجاورة. ويبقى من واجب الدولة الليبية أن تضمن الدعم والحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان، ولا بد لها من التحقيق في أعمال القتل والخطف وإخضاع مرتكبيها للمحاسبة. 

التعذيب

لا تزال حالات التعذيب منتشرةً على نطاق واسع في ليبيا. فقد بيّنت النتائج الصادرة مؤخراً عن المعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب "ديجنتي"، وهو من المنظمات الشريكة لمنظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، أنّ نسبة 53% من الموقوفين، والمعتقلين في ليبيا في العام 2013 قد خضعوا للتعذيب أو العنف. وقد علمت "محامون من أجل العدالة في ليبيا" من شهود عيان أنّ التعذيب غالباً ما يحدث في فترات الاحتجاز قبل المحاكمة. وقد أفاد الشهود أنّ الضحايا غالباً ما يتعرّضون للضرب المبرّح، وحالات الاختناق، والصدمات الكهربائية، والعنف الجنسي. ناهيك عن أنّ الضحايا يعانون من النتائج الجسدية والنفسية على المدى الطويل الناجمة عن التعذيب. 

 تبقى القوانين السارية في ليبيا ضعيفةً رغم الجهود التي بذلتها الدولة لمناهضة التعذيب، ومنها إقرارها للقانون رقم 10 لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب، والإخفاء القسري والتمييز. وكما أكّدت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" ومنظمات بارزة في مجال مناهضة التعذيب في تلك الفترة، لا يتضمّن هذا القانون تعريفاً شاملاً للتعذيب يتوافق مع المعايير الدولية. بالإضافة إلى مواطن الضعف في القانون، لا تتوافر حتى اليوم أيّ آلية فعالة تتيح للضحايا جبر الضرر. زد على ذلك أنّ عدم توافق القانون مع المعايير الدولية وغياب الأمن في ليبيا قد ساهما في عدم ممارسة ضحايا التعذيب بحقوقهم. كما أنّه، ونظراً للاعتداءات المتزايدة على المدافعين عن حقوق الإنسان، والشهود، والأخصائيين القانونيين، غالباً ما يتردّد الضحايا في التماس التعويض والإنصاف  خوفاً مما قد يطالهم من أعمال انتقام أو اعتداء.

 التشرّد الداخلي

نتيجةً لمغادرة العائلات والجماعات لمناطقهم الواقعة في قلب أعمال العنف، شهدت البلاد مزيداً من حالات التشرّد الداخلي. في شهر نوفمبر، قدّر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد المشرّدين داخلياً بما يعادل 392420 شخصاً منذ بدء تصاعد العنف في شهر مايو. تتوزّع هذه الجماعات اليوم على مختلف أنحاء البلاد، وغالباً ما تواجه صعوباتٍ في الحصول على الموارد الأساسية، بما في ذلك المأوى، والرعاية الصحية، والغذاء، والماء. هذا وأفادت تقارير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنّ 100 ألف مواطن ليبي و150 ألف من العمال المهاجرين قد غادروا البلاد إلى الدول المجاورة.

 كما يعاني أهالي تاورغاء، ويبلغ عددهم حوالى 35 ألفاً من التشرّد الداخلي منذ أغسطس من العام 2011، بعد أن دمّرت مدينتهم بسبب ولائها المزعوم لنظام القذافي. ونتيجةً للنزاع الدائر مؤخراً، تشرّد كثيرون من ملاجئهم المؤقتة في بنغازي وطرابلس. وقد أكّد شهود أيضاً أنّ المخيمات في بنغازي قد تعرّضت للسلب والنهب وأحرقت بالكامل. وبحسب ما أفاد ائتلاف "محامون من أجل العدالة في ليبيا" للاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة، في أغسطس 2014، أخلى أهالي تاورغاء مخيّمين كانوا يقطنون فيهما قرب مطار طرابلس، هما مخيم طريق المطار ومخيم الفلاح، بعد أن اشتعلت النزاعات بين المجموعات المسلّحة في محيطهما. نتيجةً لذلك، غادرت عائلات تاورغاء إلى البلدات المجاورة. وفي الشهر نفسه، اندلعت نزاعات عنيفة في محيط محلّ إقامة مجموعات أخرى من الأشخاص المشرّدين داخلياً ما أجبر 80 عائلة على إخلاء مخيم سيدي فرج.

 ردّاً على هذه المخاوف المستمرّة، تحثّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الدولة الليبية على اتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق كافة المجموعات والأفراد المسؤولين عن النشاطات غير المشروعة وانتهاكات حقوق الإنسان. يجب على الدولة أن تعمل من أجل تعزيز حكم القانون من أجل وضع حدّ لمبدأ الحصانة المستمرّ منذ العام 2011، ولمنح الناجين حقهم المشروع في التعويض. فإنّ ثقافة الحصانة تمثّل سبباً رئيسياً وراء انعدام الاستقرار الذي تعيشه البلاد حالياً، وقبول الدولة بهذه الأعمال الخطيرة من شأنه أن يشكّل جريمةً بحق الإنسانية قد تتحمّل ليبيا مسؤوليتها على المستوى الدولي.

 ترحّب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بالتحضيرات التي بادرت بها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أجل تيسير جولة ثانية من الحوار الوطني الشامل في غدامس الأسبوع المقبل كخطوةٍ إلى الأمام على درب بناء السلام الدائم. ولكن، تذكّر إلهام السعودي، مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"  جميع المعنيين أنّ "السلام الدائم ليس ممكناً من دون محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. يمثّل اليوم العالمي لحقوق الإنسان فرصةً لتذكر هذا الأمر، ولتذكير الدولة الليبية بمسؤوليتها المطلقة في وضع حدّ للحصانة عن انتهاكات حقوق الإنسان. فإخضاع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان للمساءلة يجب أن يشكّل عنصراً أساسياً لأيّ تسوية. يجب ألاّ تشكّل أعمال العفو عن انتهاكات حقوق الإنسان أيّ جزء من عملية السلام الدائم ويفترض بالدولة أن تلغي جميع قرارات العفو القائمة."

 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وكجزء من حملة لا مبرّر التي تقودها منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، تطلق "محامون من أجل العدالة في ليبياالفيديو الأخير لها في مجال مناهضة التعذيب.  https://www.youtube.com/watch?v=yb4EXOdZVTg&list=UUyOZksCddeEh4TUnMX2wjWQ

 

 
Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك