مخاطر الإفلات من العقاب في ليبيا: يجب تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وعلى المحكمة إصدار أوامر قبض جديدة بحق مرتكبي الجرائم الدولية

7/5/2020

بعد تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة  حول الحالة في ليبيا، تحثّ منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا المدعي العام إلى إصدار أوامر قبض جديدة ضدّ مرتكبي الجرائم الدولية. كما تدعو محامون من أجل العدالة في ليبيا السلطات الليبية والدول كافة إلى التعاون الكامل مع المحكمة بما في ذلك تنفيذ الأوامر بالقبض التي لم تُنفذ بعد وأيّ أوامر  قبض أخرى تصدر عن المحكمة في المستقبل.

وكانت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد قدّمت يوم الثلاثاء تقريرها التاسع عشر إلى مجلس الأمن، حيث أشارت إلى أنّ التحقيقات في الحالة في ليبيا متواصلة، وأنها لا تقتصر على الجرائم المرتكبة في سياق الثورة عام 2011. كما أكّدت المدعية العامة أيضاً أنّ التحضيرات جارية لطلبات أوامر قبض جديدة، من دون أن تذكر المشتبه بهم الذين قد تصدر هذه الأوامر بحقهم. وفي كلمتها أمام مجلس الأمن، سلّطت المدعي العام الضوء على الممارسات المنتشرة في ليبيا بشكلٍ واسع من قبيل الاحتجاز التعسّفي بحق الليبيين واللاجئين والمهاجرين، وغيره من الأشكال الخطيرة للمعاملة السيئة كالقتل، والتعذيب، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.

"تلُاحظ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بقلق الادعاءات المتكرّرة في حالة ليبيا حيال الانتهاكات الخطيرة التي تُرتكب في البلاد من قبيل التعذيب، والاختفاء القسري، في حين أنّ شخصاً واحداً فقط صُدر بحقه أمر اعتقال في ما يتعلّق بالجرائم المرتكبة خارج إطار الثورة الليبية عام 2011." هذا ما صرّحت به ناتالي مازور، المسؤولة العليا عن برنامج المساءلة والعدالة الانتقالية في محامون من أجل العدالة في ليبيا، التي أضافت بقولها: "مع تدهور الحالة في ليبيا، من الضروري أن تتخذ المدعي العام خطوات ملموسة لضمان صدور أوامر قبض جديدة ضدّ مرتكبي الجرائم الدولية في ليبيا، عملاً على مكافحة الإفلات من العقاب المستشري ومنع وقوع مزيد من الجرائم."

جدير بالذكر أنّ المحكمة قد سبق وأصدرت ثلاثة أوامر قبض لم تنفّذ بعد ضدّ كلّ من سيف الإسلام القذافي، ومحمود مصطفى الورفلي، والتهامي محمّد خالد. وكانت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية قد أكّدت منذ مدة وجيزة، في 9 مارس 2020، على مقبولية قضية القذافي أمام المحكمة لكون الحكم الصادر غيابياً بحقه عن محكمة ليبية في طرابلس في العام 2015  لم يكن نهائياً. وردّاً على إطلاق سراح سيف الإسلام بعد منحه العفو، أضافت القاضي إيبانيز كارانزا في رأيها المستقلّ والمؤيّد أنّ "إجراءات العفو وما يشابهها في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تتنافى مع الحق في معرفة الحقيقة، والحق في العدالة والجبر وهي حقوق أساسية وغير قابلة للتصرّف ."

وما زال القذافي طليقاً، حاله حال الورفلي وخالد  بانتظار اعتقالهم وإحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، مع العلم أنّ قرار مجلس الأمن رقم 1970 لعام 2011 يُلزم السلطات الليبية بالتعاون الكامل مع المحكمة، ويحثّ جميع الدول على التعاون مع المحكمة والمدعي العام.  وفي هذا السياق، أكّدت ندى كيسوانسون، المستشارة الخاصة في شؤون التقاضي لدى محامون من أجل العدالة في ليبيا بقولها: "بامتناعها عن التعاون الكامل مع المحكمة، تعرقل السلطات الليبية وسائر الدول الأخرى جهود المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية. فقد كشفت المدعي العام أنّ عدم تنفيذ أوامر القبض بحق الفارّين من المحكمة الجنائية الدولية يشكّل العقبة الأكبر أمامها، وذلك يطرح أسئلةً خطيرةً حول مدى التزام الدول بالعدالة في ليبيا. فالدول كافة مطالبة، على سبيل الأولوية، بالضغط على الحكومات التي تقوم بحماية الأشخاص المتهمين لكي يتمّ تسليمهم إلى المحكمة."

ويأتي استعراض المدعي العام للحالة في ليبيا أمام مجلس الأمن بعد أكثر من عامٍ على الهجوم العسكري الذي شنّه اللواء خليفة حفتر على طرابلس. فمنذ اندلاع الهجوم في 4 أبريل 2019، وثّقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقوع ما لا يقلّ عن 284 قتيلاً و363 جريحاً في صفوف المدنيين. وفي العام الماضي، وثّقت محامون من أجل العدالة في ليبيا الانتهاكات العديدة للقانون الدولي في ليبيا ورفعت التقارير بشأنها، وطالبت بتحقيق المساءلة وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن ليبيا، داعيةً الدول الأجنبية لوقف التدخّل في الصراع الدائر في البلاد.

وقالت مازور: "عوض التدخّل في النزاع، يجدر بالقوى الدولية أن تفي بالتزاماتها الدولية عن طريق تنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وتطبيق حظر السلاح، والتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب العمل على إيجاد حلّ للنزاع يشمل إخضاع مرتكبي الجرائم الدولية للمساءلة." وأضافت: "مع فقدان المحاكم المحلية القدرة على العمل، تبقى المحكمة الجنائية الدولية سبيلاً حيوياً للعدالة بالنسبة للضحايا. وبالتالي، لا بدّ للمدعي العام أن تضمن إدراج الحالة في ليبيا في سلّم الأولويات من أجل إنهاء الإفلات من العقاب حيال الجرائم الخطيرة التي ترتكب في إطار النزاع المستمرّ."

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك