رسالة مفتوحة لأعضاء مجلس النواب

7/8/2014

رسالة مفتوحة لأعضاء مجلس النواب من منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"

حضرات أعضاء مجلس النواب،

تودّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن تتقدّم بخالص تهانيها لأعضاء مجلس النواب على بدء أعمالهم. ومن المعلوم أنّ تشكيل المجلس قد وافق في مرحلةٍ محورية على درب انتقال ليبيا إلى الديمقراطية، وهو يمثّل فرصةً هامةً للتوصّل إلى حلّ ناجح في ما يتعلّق بالاضطرابات السياسية والإجتماعية في البلاد. وعليه، تذكّركم منظمة "محامون من أجل العدالة  في ليبيا" بمسؤولياتكم الإلزامية تجاه ناخبيكم، وبصلاحياتكم المحدودة كأفرادٍ في الهيئة التشريعية، وبالشروط المحدّدة لولايتكم الديمقراطية. كما نناشدكم اتخاذ تدابير طارئة لمواجهة إنتهاكات حقوق الإنسان و الفظائع الإنسانية في ليبيا. 

أسفرت الاشتباكات بين المجموعات المسلّحة المتنازعة في ليبيا عن سقوط عددٍ متفاوتٍ من الضحايا في صفوف المدنيين بين قتلى وجرحى. ففي شهر يوليو 2014 وحده، أفادت تقارير وزارة الصحة عن تسجيل 981 إصابةً و214 حالة وفاة نتيجة الصراع. وقد حالت الأضرار الجانبية والنزاعات بين المناطق دون وصول مجموعات بكاملها إلى الموارد الأساسية كالماء، والكهرباء، والوقود، والرعاية الصحية. وتبقى الاعتداءات العنيفة وعمليات الاغتيال بحق الأشخاص الذين يعبّرون عن أراءهم أمراً واسع الانتشار، ويبقى عرضةً للتهديد بشكلٍ خاص أفراد المجتمع المدني، والمحامون والقضاة، والصحافيّون. هذا وتضمّ مرافق الاحتجاز التابعة منها للدولة وغير التابعة لها أيضاً آلاف المحتجزين الذين يعيشون أملاً ضعيفاً في الخضوع لإجراءات محاكمة عادلة أو وفقاً للأصول القانونية. ويبقى التعذيب مُهيمناً أيضاً في مرافق الاحتجاز، فقد أفاد أحد التقارير أنّ من بين 138 محتجزاً تمّت مقابلتهم، أبلغ 100 محتجز عن تعرّضهم للتعذيب وغيره من أشكال الإساءة.

 وتفيد الأدلّة المتزايدة أنّ عدداً كبيراً من المجموعات المسؤولة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تُدعم و تُمول من الأعمال الإجرامية . فقد أتاحت عمليات التهريب من تهريب البشر، والمخدّرات، والأسلحة للكثيرين بجني الأرباح من الأزمة المستمرة بصورة غير قانونية وغير أخلاقية. وقد تسببت هذه النشاطات الجرمية في تعطيل السلام فى البلاد. 

على الرغم من هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولي ورغم هيمنة الأعمال الإجرامية يتمتع مرتكبو هذه الجرائم من أفراد ومجموعات بالحصانة الكاملة عن أعمالهم. في المقابل، قد يشكّل التغاضي المستمرّ من قبل الدولة الليبية عن هذه الأعمال الخطيرة جريمةً بحق الإنسانية. هذا ما تكون الحال عليه عندما تشكّل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، كالقتل، والتعذيب، والسجن غير المشروع اعتداءات منتشرةً على نطاقٍ واسع أو بشكلٍ نظامي ضد المدنيين وتتغاضى الحكومة أو تتقبّل هذه الجرائم، حتى وإن كان مرتكبو هذه الأعمال غير منتمين للدولة أو لا يتماشون مع السياسة التي تتبعها سلطات الدولة. فالمجتمع الدولي يرى في الجرائم ضدّ الإنسانية اعتداءً خطيراً على كرامة الإنسان وقد يتخذ تدابير بحق المرتكبين بما في ذلك مذكرات التوقيف والعقوبات. 

إنّ بدء أعمال أعضاء مجلس النوّاب يمثّل فرصةً لتصحيح مسار الدولة واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الظلم. وبالتالي، من الأهمية إتخاذ مجلس النواب إجراءات مباشرة ضدّ مرتكبي هذه الجرائم، أفراداً ومجموعات. "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تدرك الصعوبات التى قد تمليها الظروف الحالية بليبيا على فاعلية تصرفات الدولة، ولكن ذلك لا يبرر التقاعس من قبل مجلس النواب عن مسئوليات الدولة والتزاماتها المحلية والدولية. فأن الفشل فى الإلتزام بتلك المسؤليات قد يترتب عليه إجراءات قانونية فى مواجهة الدولة على الصعيد المحلى والدولى. وعليه، تطالب "محامون من أجل العدالة في ليبيا" مجلس النواب باتخاذ التدابير التالية:

  • ان يبدأ بأتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لمعالجة مشكلة الحصانة التي يتمتع بها مرتكبي الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان وضمان الإدانة الفعلية لهم. ويجب  إلغاء إمتيازات العفو الممنوحة بموجب القانون رقم 38 لسنة 2012 لمرتكبى أعمال عسكرية أو أمنية أو مدنية لإنجاح الثورة. وذلك لما يتضمنه ذلك الوصف من حصانة ممكنة لمرتكبى إنتهاكات حقوق الإنسان. 
  • يجب إقرار قوانين جديدة تجرّم، بشكلٍ صريحٍ، انتهاكات حقوق الإنسان وتعمل على إحقاق مبدأ المحاسبة. فمن المهم على سبيل المثال إدانة الأفراد الذين يحاولون التحريض على العنف، بمن فيهم الأفراد المنتمون لمؤسسات الدولة. وقد صدرت عدة بيانات عامة هدفت إلى تشريع النشطات غير القانونية وتبرئة مرتكبيها. وقد عملت هذه البيانات على تأجيج الصراع المستمر وتعطيل حال البلاد. 
  • تعزيز الجهود التشريعية السابقة، كما هي حال القرارات رقم 27 و53 لسنة 2013  بشأن مدينة طرابلس وبنغازى. كما ان الحاجة تدعو إل سن قوانين جديدة تضمن اتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل وتنفيذ تلك القرارات وضمان إتساع مجالهم ليشمل البلاد بأكملها. ويقتضي تعيين هيئة حكومية جديدة بتفويض واضح من أجل نزع أسلحة هذه المجموعات وضمان عملية المحاسبة. 
  • يجب إتخاذ التدابير التى تضمن مراقبة إلتزامات ليبيا فى القانون الإنسانى الدولى، لا سيما معاهدات جينيف. تلك التدابير يجب ان تتضمن ضمانات للمنظمات المحلية و الدولية، مثل منظمة الصليب الأحمر الدولية، لتوصيل المعونة لمن يحتاجها. 
  • كما يجب إتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تقلد مرتكبى او مشتبهى إرتكاب إنتهاكات حقوق الإنسان المناصب الحكومية فى اثناء عملية  ضم الجهات الفاعلة الغير حكومية المسلحة مع قوات الدولة. فمن المهم ان يلقى مرتكبى  هذه الأعمال التحقيق الكاف والمحاسبة اولاً  لضمان عدم حصولهم على حماية أو شرعية ضمن مؤسسات الدولة. 
  • يجب على مجلس النواب ضمان المحاسبة فى عملية تمويل الدولة للجهات الفاعلة الغير حكومية. فمساندة الجهات الفاعلة الغير حكومية المسئولة عن إنتهاكات حقوق الإنسان يعقبها مسئولية قانونية، وقد تؤدى الى إتخاذ إجراءات ضد الدولة الليبية كمشارك فى الجريمة. 
  • يجب أن يتصرّف مجلس النواب على نحوٍ يعزز من ثقة المواطنين في مؤسّسات تُنتخب بالسُبل الديمقراطية. يفترض  بمجلس النواب إذاً أن يكون واعياً لإخفاقات المؤتمر الوطني العام وأن يلتزم بصلاحيات المجلس المحدودة. وبشكلٍ خاص، يجب عليه أن يلتزم إلتزاماً صارماً بمدة ولايته ويسعى لمدها فقط من خلال إستفتاء وطني. 
  • من الضروري أن يحترم مجلس النواب، باعتباره الهيئة التشريعية لليبيا، الحاجة للفصل بين السلطات. وعليه بالتالي أن يتخذ الإجراءات من أجل دعم وجود السلطتين التنفيذية والقضائية من دون التعدّي على صلاحياتهما. ويجب أن يبقى الدور الذي تضطلع به السلطة التشريعية مختلفاً عن دور السلطة التنفيذية، ما يتيح للسلطة التنفيذية أن تقود التحقيقات بفعالية وترفع الدعاوى ضد مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان. ولا بد من تخصيص ميزانية كافية تمنح السلطة القضائية الموارد الضرورية لإحقاق العدالة في البلاد والعمل بحيادية.  
  • من الضروري أن يبذل جميع أعضاء مجلس النواب الجهود من أجل التواصل بشكلٍ مباشر مع ناخبيهم. فمن خلال التواصل المباشر وحده، يمكن تمثيل مصالح عموم المواطنين في القانون وتلبية احتياجاتهم. 

وتفضلوا بقبول وافر الإحترام،

محامون من أجل العدالة فى ليبيا

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك