رسالة مشتركة مفتوحة: منظمات حقوقية تدعو إلى التجديد لولاية بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في ليبيا

17/6/2022

تدعو المنظمات الموقعة أدناه الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى دعم التجديد  لولاية بعثة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق في ليبيا، كمسألة عاجلة، في إطار الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

 

16 حزيران/يونيو 2022

 

سعادتكم،

 

إذ رحّبت المنظمات الموقعة أدناه في 22 حزيران/يونيو 2020 بقيام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل البعثة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في ليبيا بموجب القرار رقم 43/39، ولمدّة عامٍ واحدٍ، بهدف التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزات القانون الدولي الإنساني في مختلف أنحاء ليبيا  المرتكبة من قبل جميع الأطراف منذ مطلع العام 2016، بما في ذلك أيّ أبعاد جنسانية لهذه الانتهاكات والتجاوزات، وبهدف حفظ الأدلة، بغية منع المزيد من التدهور على صعيد حالة حقوق الإنسان، ولتحقيق المساءلة أيضاً. في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021، جدّد مجلس حقوق الإنسان لولاية البعثة لمدة تسعة أشهر تنتهي بنهاية شهر حزيران/يونيو 2022. ومن المقرّر أن تقدّم البعثة تقريرها الشامل إلى المجلس في 6 تموز/يوليو 2022.

 

ولا يخفى على أحدٍ أنّ أعمال التحقيق التي تقوم بها البعثة قد أثبتت أهميتها الحيوية في الكشف عن الحقائق ذات الصلة بانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان وتجاوزات القانون الدولي الإنساني المرتكبة في ليبيا منذ العام 2016. إلاّ أنّ عمل البعثة لم يكتمل بعد. لذلك فإنّ التجديد لولايتها أمر ضروري لاستكمال التحقيق في الجرائم والانتهاكات المستمرّة، ولتسليط الضوء على حالة حقوق الإنسانن وإرسال رسالة قوية بأنّه لا يمكن القبول أكثر من ذلك ببيئة الإفلات من العقاب السائدة حالياً.

 

ولا شكّ أنّ دعم السبل الآيلة إلى تحقيق المساءلة، بما في ذلك من خلال آليات التحقيق الدولية، مثل بعثة الأمم المتحدة  الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في ليبيا أمر أساسي لإعادة بسط سيادة القانون. وكانت البعثة في تقريرها الأولي في آذار/مارس 2022 قد استنتجت أنّ ثقافة الإفلات من العقاب تعيق عملية الانتقال إلى السلام في ليبيا، والديمقراطية وسيادة القانون.  ومع التأجيل غير المحدّد للاتنخابات الرئاسية والتشريعية التي كان من المزمع انعقادها في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021، وجدت ليبيا نفسها مرةً بعد في  حالة من الجمود السياسي التي ما زالت تجزّئ البلاد وتقسّمها. وفي غضون ذلك، تعمل المجموعات المسلّحة والميليشيات على استغلال مواطن القصور في داخل المؤسسات وترتكب الجرائم في ظلّ إفلات تام من العقاب. من جهته، فشل القضاء الليبي في إخضاع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان للمساءلة، بما في ذلك فيما يتعلّق بأعمال القتل غير المشروعة في ترهونة فيما وقع أعضاء النيابة العامة والقضاة ضحية أعمال الاختطاف والتهديد وأشكال العنف الأخرى المرتكبة على يد المجموعات المسلّحة والميليشيات. وفي انتهاكٍ لحظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة، ما زالت دول عديدة توفّر الدعم للأطراف المختلفة الشريكة في النزاع في ظلّ بقاء الآلاف من المقاتلين الأجانب في البلاد.

 

وكشفت التحقيقات التي أجرتها بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في ليبيا أنّ العديد من الأطراف الليبيين المشاركين في النزاع قد انتهكوا القانون الدولي الإنساني كما ومن المحتمل أن يكونوا قد ارتكبوا جرائم حرب. ومع تصاعد أعمال القمع المنهجية على الساحة المدنية ووصولها إلى درجة غير مسبوقة، فإنّ الأفراد الفاعلين في المجتمع المدني، لا سيما العاملون منهم على حقوق الإنسان وبناء السلام، يواجهون مضايقاتٍ مستمرةً والتشهير والتهديد والاحتجاز  التعسّفي والاختفاء القسري، فضلاً عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والمحاكمات غير العادلة. كما أفادت البعثة أيضاً انّ النساء والفتيات في ليبيا يواجهن الاعتداءات الجسدية، والتحرّش وتعترضهنّ مجموعة واسعة من العقبات المؤسساتية والاجتماعية التي تحول دون تمتعهنّ بحقوق الإنسان وغالباً ما تحدّ من قدرتهنّ على المشاركة في الحياة العامة. بالإضافة إلى ذلك، سلّطت أعمال البعثة الضوء على الانتهاكات المرتكبة بحق غير المواطنين، من قبيل المهاجرين، وملتمسي اللجور واللاجئين وضدّ عديمي الجنسية، سواء في البحر على أيدي خفر السواحل أو على أيدي الحرّاس في مراكز الاحتجاز، أو مرتكبي التهريب والإتجار. وأشارت البعثة إلى أنّ هذه الأعمال من المحتمل أن ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية.

 

أما فيما يتعلّق بمدى انتشار الانتهاكات وخطورتها، فلا بدّ من الإشارة إلى أهمية عمل البعثة المستقلة لتقصي الحقائق والحاجة إلى تجديد ولايتها. ومن الجدير بالذكر أنّ البعثة، ومنذ تشكيلها، قد واجهت عقباتٍ عدة، من القيود المرتبطة بالميزانية إلى آثار وتداعيات جائحة كوفيد-19. وبعد التجديد لولايتها في تشرين الأول/أكتوبر 2021، لم تبدأ أمانة السرّ وفريق الدعم بممارسة أنشطتهما إلا في أواخر كانون الثاني/يناير 2022، ما أفسح مدة أقلّ من خمسة أشهر فقط للبعثة من أجل إعداد تقريرها الشامل. وبالرغم من كلّ تلك الصعوبات، تمكنت البعثة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق من نشر تقريرين أضاءت فيهما على خطورة حالة حقوق الإنسان في ليبيا والحاجة الملحّة إلى إجراء المزيد من التحقيقات من أجل وضع حدّ لحلقة الانتهاكات ومعالجة مسألة الإفلات من العقاب المستشري في البلاد.

 

إنّ عدم التجديد لولاية البعثة من قبل مجلس حقوق الإنسان من شأنه أن يبعث برسالة إلى المجموعات المسلّحة غير الخاضعة للمساءلة وإلى الميليشيات والمسؤولين في ليبيا مفادها أنّ الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان، والمجتمع الدولي عموماً، غير ملتزمة بإيجاد سبل لتحقيق المساءلة عن الانتهاكات الماضية والمستمرّة وأنّ احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني في ليبيا ليس مسألةً ذات أولوية. ومن شأن مقاربة كهذه أن تؤدي إلى تصاعد الانتهاكات والجرائم، وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، وتقويض الجهود الآيلة إلى الوصول بالبلاد إلى الاستقرار السياسي المتجذّر في احترام سيادة القانون.

في هذا السياق، نحثّ الوفد في مجلس حقوق الإنسان إلى ضمان التجديد لولاية البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا وتوفير الموارد اللازمة لها في الدورة التالية من مجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تمديد ولايتها لعامٍ على الأقل بما يتيح لها الاستمرار بعملها الحيوي.

 

مع فائق تقديرنا،

حقوقيون بلا قيود

رابطة النساء الدولية للسلام والحرية

شباب من أجل تاورغاء

شبكة أصوات ليبيا

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

اللجنة الدولية للحقوقيين

محامون من أجل العدالة في ليبيا

منظمة رصد الجرائم الليبية

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

مركز مدافع لحقوق الإنسان

منبر المرأة الليبية من أجل السلام

منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري

منظمة العدالة للجميع

منظمة العفو الدولية

المنظمة الليبية للإعلام المستقل

المنظمة الليبية للمساعدة القانونية

المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان

هيومن رايتس ووتش

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك