سحق للحرية: قيود صارمة على المرأة الليبية ووصاية ذكورية قسرية

1/6/2023

تدين منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا إجراءات المراقبة التي تمّ اعتمادها منذ فترة وجيزة وبصورةٍ تعسّفية بهدف تقييد حرية تنقل المرأة الليبية، كما هي الحال مع نموذج السفر المفروض حديثًا في ليبيا والذي ينتهك بشكل مباشر الإعلان الدستوري الليبي لعام 2011 الذي يكفل المساواة في الحقوق والحق في حرية التنقل بموجب المواد 6 و8 و14.

في مايو 2023، باشر جهاز الأمن الداخلي، الخاضع لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، في تطبيق إجراء جديد يشترط على كلّ امرأة ليبية، تسافر بدون مرافق من أيّ مطار في غرب ليبيا (طرابلس ومصراتة) تعبئة نموذج يتضمن أسئلةً حول أسباب سفرها، وشرحًا لسبب سفرها بمفردها، ومعلومات مفصلة عن مرّات السفر السابقة. وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الإجراء الجديد تمييزي ضدّ المرأة. فمن خلال استجواب المرأة وتقييد حريتها في التنقل واستقلالها الذاتي، فإنّه يحرمها من حقوقها الأساسية كمواطنة والمتساوية بين الرجال والنساء.

وهذا النموذج هو أيضًا أداة لأغراض المراقبة وجمع البيانات، مما يجعل تحرّكات المرأة مرئيةً بشكل مفرط على رادار جهاز الأمن الداخلي، الأمر الذي يعرّضها بالتالي للاستجواب وللمزيد من القيود من قبل جهاز الأمن الداخلي – الكيان الذي يُزعم أنه مسؤول عن ارتكاب أبشع انتهاكات حقوق الإنسان وتجاهل تام لسيادة القانون.

"بالنسبة لي، أنا أرى أنّ تعبئة النموذج أكبر خطر عليّ. فأنا أعتبر وكأنه سيتم وضعي تحت المجهر ومراقبة الأمن الداخلي وجهات الدولة وكأنّ اسمي سيكون عليه إسقاط. مجرد أنني سأسافر مرة أخرى وحدي سأضطر لتعبئة النموذج. المرة الأولى، ثم المرة الثانية، وأنا متأكدة أنه في المرة الثالثة سيتم وضعي في مكتب والتحقيق معي." هذا ما صرّحت به ناشطة ليبية من المجتمع المدني في طرابلس لمحامون من أجل العدالة في ليبيا.

وفي أعقاب الاحتجاجات العامة على نموذج السفر، شرع جهاز الأمن الداخلي في توزيع استبيان عبر الإنترنت لقياس الآراء حول النساء الليبيات اللواتي يسافرن بمفردهن كوسيلة لتبرير مراقبتهن على تحرّكات النساء. وطرح هذا الاستطلاع إشكاليات هو الآخر، ذلك أنّه يتضمّن أسئلةً حول ما إذا كان السفر بدون مرافق يتعارض مع الأعراف الليبية والإسلامية، ويعزز التمييز بين الحق في حرية التنقل ما بين الرجال والنساء، ويشكل جزءًا من حملة أكبر تقرّها الدولة لتعبئة الرأي الشعبي ضد النساء وحرياتهنّ. في بيئةٍ معاديةٍ أصلاً للمرأة تشيع فيها الاعتداءات على النساء عبر الإنترنت وخارجها، فإنّ هذا الاستطلاع يضرّ حتماً بسلامة المرأة.

وبالرغم من أنّ الإعلان الدستوري الليبي قد رسّخ الالتزام بحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المواطنين الليبيين، فإنّ حكومة الوحدة الوطنية تقوم، من خلال هذه التدابير التقييدية والتمييزية، ليس بتقويض هذا الالتزام فحسب بل هي تنتهك أيضًا الواجبات القانونية الدولية لليبيا، بموجب المادتين 3 (بشأن المساواة) و12 (بشأن حرية التنقل) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما ويتعارض هذا القرار مع أحكام اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة التي تضمن حرية تنقل المرأة، ويخلّ بالتزامات ليبيا بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تدعو منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا إلى الإلغاء الفوري لجميع قيود السفر وتدابير المراقبة المفروضة على النساء والتي تهدف إلى تعزيز نظام الولاية الذكورية وتقييد حرية المرأة الليبية.

وعليه، تحثّ منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا حكومة الوحدة الوطنية على ما يلي:

  • الإنهاء الفوري لاستخدام نموذج السفر وإزالة الاستطلاع الإلكتروني عن الإنترنت.
  • العمل بالمبادئ والمعتقدات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري لعام 2011، والالتزامات الدولية لليبيا، والامتناع عن فرض أي إجراءات مستقبلية تتعارض مع هذه الالتزامات القانونية.
  • اتخاذ تدابير فورية لضمان حماية حقوق المرأة في ليبيا ودعمها، بما في ذلك عن طريق مكافحة الآثار السلبية لهذه العمليات من خلال حملات نشر الوعي وتدابير الحماية.
  • اتخاذ تدابير لضمان امتثال قطاع الأمن لسيادة القانون، وكفالة عمل هذه الهيئات تحت إشراف ملائم.
  • إجراء تحقيقات دون تأخير بهدف محاسبة المسؤولين عن أي شكل من أشكال العنف أو التمييز ضد المرأة.
Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك