أهالي تاورغاء بالعودة إلى الديار

30/5/2013

أصدر كبار أهالي تاورغاء يوم الخميس في التاسع من مايو بياناً أكّدوا فيه على قرارهم بالعودة السلمية إلى مدينتهم في الخامس والعشرين من شهر يونيو المقبل. وقد ناشد الأهالي الحكومة والمنظمات الدولية بدعمهم وحمايتهم خلال عملية الانتقال. منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" ترحّب بهذا القرار الصادر عن أهالي تاورغاء، مقرّةً بحق جميع الأفراد المهجّرين بالعودة بأمانٍ إلى ديارهم.

إن أهالي تاورغاء قد أُرغموا على التشرّد من منازلهم بعد الصّراع العنيف الذي دارت رحاه في شهر أغسطس من العام 2011. وقد اتُّهم سكان المدينة، الواقعة قرب مصراتة، بدعم القذافي إبّان الثورة. وعلى أثر الصراع والاعتداءات الانتقامية على الأهالي، بقي العديد منهم مشرّدين بلا منازل. وتفيد تقارير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أنّ من بين المهجّرين في ليبيا، والذين تتراوح أعدادهم بين 65 ألفاً و80 ألفاً، سجّل عشرون ألفاً من أهالي تاورغاء أسماءهم في مواقع الهيئة الليبية للإغاثة الإنسانية في مختلف أرجاء البلاد، كما تمّ العثور على سبعة آلاف منهم يقطنون قرب سبها.

ويقيم العديد من أهالي تاورغاء في معسكرات مؤقتة أو ملاجئ غير ملائمة وهم غالباً ما وقعوا ضحية عمليات انتقامية نفّذت بحقهم بعد أن صُنّفوا في عداد "المطلوبين". وكانت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" قد سبق و أدانت، في شهر يوليو من العام 2012، الاعتداءات التي استهدفت أهالي تاورغاء، ومنها الهجمات على مخيّم لهم قرب بنغازي. تعرّض أهالي تاورغاء للتهديد بصورةٍ مستمرة، وخضعوا لعمليات قتل خارج نطاق القضاء، كما أبقت الميليشيات العديد منهم في الاحتجاز التعسّفي. ومدينتهم اليوم مهجورة بالكامل، وقد نُهبت من كلّ ما فيها وخرّبت ممتلكاتها.

إنّ مستوى التدمير الذي تعرّضت له مدينة تاورغاء وتشرّد سكانها يندرجان في إطار جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تتمتع باختصاص تكميلي في ما يتناول الجرائم من هذا النوع المرتكبة في ليبيا. بموجب نظام روما الأساسي، يعدّ الترحيل أو التشريد القسري للسكان من الجرائم ضد الإنسانية، حاله حال الاضطهاد الذي يمارس بحق أي مجموعة محددة أو بصورة جماعية على أساس سياسي، أو عرقي، أو إثني، أو ثقافي. بالإضافة إلى ذلك، إن طريقة معاملة أهالي تاورغاء والأعمال الموجّهة ضدّهم قد تندرج بدورها ضمن جرائم الحرب، بما في ذلك:

  • القتل العمد؛
  • أعمال التدمير الشامل للممتلكات وتملّك الممتلكات، غير المبرّرة بالضرورة العسكرية، والمنفّذة بصورة غير مشروعة وجائرة؛
  • الحرمان المقصود من الحق في محاكمة عادلة ونظامية.

تقرّ  منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بحق المهجّرين والمشرّدين داخلياً، مثل أهالي تاورغاء، بالعودة إلى الديار بأمان. فللمهجّرين الحق في التمتع بحقوق الإنسان الأساسية كتقرير المصير، وحرية التعبير، والأمن، والعدالة، وحرية التنقل. كما أنّ عدم التعرّض لما يمسّ حرمة الحياة الخاصة، والأسرة، والمنزل، والمراسلات وحماية الشرف والسمعة من الحقوق المعترف بها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وليبيا دولة طرف فيه، وهو ما ينطبق بشكلٍ خاص على أهالي تاورغاء وغيرهم من المهجّرين في ليبيا.

كذلك، تدعو المنظمة المؤتمر الوطني العام والحكومة الليبية للتشاور مع أهالي تاورغاء وتقديم الدعم لهم، ولسائر المهجّرين في ليبيا، والاعتراف بمسؤوليتهم بموجب القانون الدولي في توفير المرور الآمن، والمؤن، والمساعدة خلال رحلتهم وإعادة تمركزهم. في وقتٍ يتعيّن فيه على جميع الأحزاب أن يحيطوا علماً بإمكانية أن تستغرق عملية العودة الآمنة إلى الديار الكثير من الوقت، لا بد من أن تتخذ الحكومة الليبية، من جهتها، الخطوات الملحّة لمعالجة هذه القضية من خلال صياغة سياسة وطنية.

في هذا السياق، جاء تأكيد مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام السعودي: "يتعيّن على ليبيا أن تسعى لبناء مستقبلها على أساس متينٍ قائمٍ على العدالة، والمساواة، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان. كما ومن شأن عودة أهالي تاورغاء بأمان إلى مدينتهم، وتوفير الحماية والدعم لهم أن يسهما في هذه الجهود إلى حدّ كبير، وهذا ما يعتبر خطوةً ضرورية لتحقيق مسعىً موفّق في المصالحة الوطنية."

لم توقّع ليبيا حتى الآن على معاهدات أساسية، مثل نظام روما الأساسي، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لحماية المشرّدين ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاقية كمبالا)، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية المتعلقة بالتشرّد الداخلي، واتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمركز اللاجئين والبروتوكول المكمّل لها. وقد أضافت السعودي: "يجب أن تظهر الحكومة الليبية التزامها بحماية حقوق جميع الأفراد في ليبيا خلال هذه المرحلة المحورية، ليس من خلال التوقيع على هذه المعاهدات الدولية فحسب، بل بالفعل والسياسة أيضاً."

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك