قرار المحكمة

5/3/2014

"محامون من أجل العدالة في ليبيا" تنوّه بقرار المحكمة في قضية التجديف وتحثّ الدولة على إلغاء التشاريع القمعية 

نوّهت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بالحكم الصادر عن القضاء الليبي بتاريخ 2 مارس 2014 والقاضي بتبرئة السيّدين علي التكبالي وفتحي صقر من التهم الموجهة إليهما والمتعلقة بنشر رسوم كرتونية مسيئة للإسلام. ورغم البادرة الحسنة التي يمثّلها هذا الحكم، يبقى اللجوء إلى القانون كوسيلةٍ لتجريم حرية التعبير أمراً مقلقاً للغاية في ليبيا ومن شأنه أن يعيق التزام الدولة بحقوق الإنسان الأساسية.

وكانت مكاتب الحزب الوطني الليبي قد تعرّضت لهجوم في شهر نوفمبر من العام 2012 على يد ميليشيا تابعة للدولة، وتلقت في غضون ذلك أمراً من النيابة بإقفال أبوابها. وكانت السلطات الليبية، في الدعوى التي رفعتها بحق السياسيّيْن العضوين في الحزب الوطني الليبي، قد اتهمتهما باستخدام ملصقات ذات مضمون يمكن اعتباره مسيئاً، خلال الحملة الانتخابية للحزب عام 2012. وقد تضمّنت التهم ما ورد في المادة 203 من قانون العقوبات الليبي من ارتكاب فعل "غايته إثارة حرب أهلية في البلاد، أو تفتيت الوحدة الوطنية أو السعي للفرقة"، وفي المادة 207 من  ترويج "نظريات أو مبادئ ترمي لتغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو لقلب نظم الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية"، وهي تهَمٌ يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام. ومن التهم الإضافية الموجهة إليهما أيضاً ما تضمّنته المادة 291 من إهانةٍ لدين الدولة وفحوى المادة 318 من تحريض علني "على بغض طائفة أو طوائف من الناس أو الازدراء بها بما من شأنه أن يخل بالأمن العام".

جدير بالذكر أنّ مواد قانون العقوبات التي استخدمتها النيابة في هذه الدعوى تتعارض تعارضاً مباشراً مع التطلّعات الديمقراطية لليبيا، ليس هذا فحسب، بل هي تخالف أيضاً الالتزامات التشريعية للدولة. فالمادة 14 من الإعلان الدستوري المؤقت تنصّ على ما يلي: "تضمن الدولة حرية الرأي وحرية التعبير الفردي والجماعي وحرية البحث العلمي وحرية الاتصال، وحرية الصحافة ووسائل الإعلام والطباعة والنشر". كما سبق أن صادقت ليبيا على التزامات بموجب القانون الدولي لحماية الحق في حرية التعبير، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.

استغرقت الدعوى فترة طويلةً لم يمنح خلالها المدافعون ولا الحزب الوطني الليبي كامل حقوقهم القانونية، ولم يصدر الحكم النهائي إلا بعد مرور خمسة عشر شهراً. وقد طرح إقدام النيابة على توجيه التهم من دون الاستناد إلى أدلّة واضحة، وبما يتضارب مع سلوك الأفراد والحزب السياسي مزيداً من المخاوف والشكوك في هذا الإطار.

في هذا السياق، علّقت مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام السعودي بقولها: "إنّ الحكم الصادر عن المحكمة يشكّل دعماً وتأييداً للحق في حرية التعبير ويوجّه رسالةً سارّةً عن تقدّم ليبيا على درب احترام حقوق الإنسان. وفي هذا القرار أيضاً اعتراف بأنّ الدعوى كانت متعارضةً بشكلٍ أساسي مع القيم الحالية للدولة الليبية."

كما تحثّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الهيئة التشريعية على تعديل قانون العقوبات وإبطال التدابير الشديدة القسوة التي تعيق احترام حقوق الإنسان. يتعيّن على الدولة الليبية أن تضمن توافق القانون مع التزاماتها الوطنية والدولية بإحقاق حقوق الإنسان، تجنّباً لأي تهديدات مستقبلية في وجه هذه الحريات الأساسية. وقد شدّدت المنظمة أيضاً على الحاجة إلى إلغاء القانون رقم 5 لعام 2014، كما أشارت في بيانٍ صحفي سابق لها. فهذا القانون يجرّم "كلّ عمل يشكّل مساساً بثورة السابع عشر من فبراير وكلّ إهانات تطال السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو أحد أعضائها". وقد أعربت المنظمة عن تخوّفها من أن يكون لهذه القيود المفروضة على حرية التعبير، إن لم يتمّ التدقيق فيها، أثر سيئ قد يعيق الحريات السياسية، ومساءلة الحكومة، وقد يؤدي إلى انتقاص سائر حقوق الإنسان الأخرى. 

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك