محامون من أجل العدالة في ليبيا متخوّفة حيال عدم الالتزام بحماية المهاجرين بموجب مذكرة التفاهم الأخيرة بين ليبيا وإيطاليا المتعلّقة بأمن الحدود

8/2/2017

تعرب منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا عن تخوّفها حيال مذكرة التفاهم التي أُبرمت بين إيطاليا وحكومة الوفاق الوطني الليبية بتاريخ 2 فبراير 2017 في ما يتعلّق بالهجرة والأمن عند الحدود. ففيما تسند مذكرة التفاهم دوراً أكبر لخفر السواحل الليبي في مراقبة "الهجرة غير الشرعية"، إلاّ أنها لا تضمن الحماية الملائمة لللاجئين والقاصرين غير المصحوبين بذويهم وضحايا الإتجار (يشار إليهم في ما يلي بالمهاجرين) في ليبيا. وعليه، تذكّر محامون من أجل العدالة في ليبيا الفريقين بأنّ مذكرة التفاهم الموقعة بينهما لا تلغي الالتزام بحماية المهاجرين بموجب القانون الدولي.

يسعى الآلاف من المهاجرين إلى عبور البحر المتوسط من ليبيا باتجاه إيطاليا بحثاً عن ملاذ آمن في أوروبا. ووفق ما أفادت به تقارير المنظمات الدولية، فقد سُجِّلت 181.126 عملية عبور للحدود عبر طريق المنطقة الوسطى من البحر الأبيض المتوسّط في العام 2016 وحده، لقي فيها ما يزيد عن 4500 شخصاً حتفهم أثناء محاولة العبور. ويزداد الوضع تعقيداً مع توقيف العديد من المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا حيث يزجّ بهم في مراكز الاحتجاز، وغالباً ما يخضع المحتجزون في هذه المراكز للمعاملة السيئة، بما فيها العمل القسري، والضرب، والتعذيب، والاغتصاب والعنف الجنسي. 

تنصّ مذكرة التفاهم على التعاون بين البلدين في شؤون من قبيل توفير الرعاية الصحية للمهاجرين ولكنها لا تقدّم أي ضماناتٍ لحقوق الإنسان الأساسية، كالحق في الوصول إلى إجراءات لجوء عادلة وفعالة للمعتقلين في البحر. كما لا توفّر أي حماية لضحايا الإتجار بالبشر، ولا تأتي على ذكر التزامات إيطاليا بموجب القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي بمنح اللجوء في سياق شراكتها مع ليبيا. ويعدّ هذا الأمر مقلقاً بشكلٍ خاص في ظلّ غياب أيّ قانون خاص باللجوء في ليبيا وافتقارها إلى الموارد اللازمة والبنى التحتية وعدم امتلاكها في الوقت الحاضر الإرادة السياسية لتلبية احتياجات المهاجرين، المباشرة منها والطويلة الأمد.

 وفي أحكام صادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في العامين 2012 و2015، تبيّن أنّ إيطاليا قد سبق أن انتهكت التزاماتها بموجب القانون الدولي عن طريق إعادة المهاجرين إلى ليبيا حيث يواجهون خطراً كبيراً بالتعرّض للتعذيب. ووفق ما تنصّ عليه مذكرة التفاهم الأخيرة، تلتزم إيطاليا بتدريب خفر السواحل الليبي على كيفية توقيف المراكب والتعامل مع المهاجرين. تعمل إيطاليا على إعادة المهاجرين إلى ليبيا بإسناد هذا الدور إلى خفر السواحل الليبي. من هنا، تتخوّف محامون من أجل العدالة في ليبيا من أن تكون تلك هي محاولة تقوم بها إيطاليا لتجنّب الأحكام.

من خلال مذكرة التفاهم، تتحمّل ليبيا مسؤولية المهاجرين العائدين. وفي هذا السياق، تذكّر محامون من أجل العدالة في ليبيا الدولة الليبية بواجبها المتمثل في ضمان حق المهاجرين في التمتع بالحرية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة. لا يمكن تبرير اللجوء إلى التعذيب أياً كانت الأحوال، وعلى ليبيا أن تضمن عدم خضوع أيّ مهاجر للتعذيب في مرافق الاستقبال أو الاحتجاز أو في أي مراكز أخرى خاضعة للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة للدولة الليبية. كما تذكّر محامون من أجل العدالة في ليبيا الدولة الليبية بواجب عدم قيام السلطات باحتجاز المهاجرين إلا في حالات الضرورة القصوى، ولفترة زمنية محدودة، وضرورة مراجعة القضاة لحالات الاحتجاز. فمن مسؤولية الدولة الليبية أن تضمن استيفاء مراكز الاستقبال للمعايير الدولية بما في ذلك ما تؤمنه من مرافق الرعاية الصحية والنظافة. وإذ أخذت الدولة الليبية على عاتقها مسؤولية إعادة المهاجرين إلى ليبيا، فإنّ منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا تناشدها على الفور وضع إجراءات خاصة للجوء تحترم المعايير الدولية للاجئين، ومن ضمنها المصادقة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951.

وقد نبّهت مدير محامون من أجل العدالة في ليبيا، إلهام السعودي، إلى أنّ هذه "ليست المرة الأولى التي تحاول فيها إيطاليا التهرّب من التزاماتها الدولية في حماية اللاجئين، والقاصرين غير المصحوبين وضحايا الإتجار. ويجب عدم تسليم أفراد هذه المجموعات إلى ليبيا أو إلى أيّ دولةٍ أخرى لا تمتلك الموارد أو البنى التحتية أو الأطر القانونية اللازمة لحمايتهم، أو لديها سجلّ ماضٍ في ارتكاب المعاملة السيّئة والتعذيب بحقهم." وأضافت السعودي: "بتوقيعها على مذكرة التفاهم، قبلت ليبيا الالتزام بتأمين الحماية لهؤلاء الأفراد المعرّضين لخطر الخضوع للمعاملة السيّئة والتعذيب. لا يمكن للدول أن تسمح لاتفاقات ثنائية بعرقلة الحماية المنصوص عليها في القانون الدولي للاجئين والقاصرين غير المصحوبين وضحايا الإتجار والذين يقع العديد منهم ضحايا للتعذيب والإساءة."

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك