"محامون من أجل العدالة في ليبيا" متخوّفة من أن يطيح غياب معايير المحاكمة العادلة في قضية مسؤولي النظام السابق بحق الضحايا في الوصول إلى العدالة

29/7/2015

"محامون من أجل العدالة في ليبيا" متخوّفة من أن يطيح غياب معايير المحاكمة العادلة في قضية مسؤولي النظام السابق بحق الضحايا في الوصول إلى العدالة

في 28 يوليو 2015، أصدرت محكمة استئناف طرابلس حكماً قضائياً بحق 37 مسؤولاً من النظام الليبي السابق عن جرائم متعلقة بقمع ثورة العام 2011 وجرائم أخرى ارتكبت خلال فترة النزاع. ومن بين المسؤولين السابقين الذين أصدرت المحكمة الحكم بحقهم سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي، وعبدالله السنوسي، رئيس جهاز المخابرات في عهده. تعرب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" عن تخوّفها من حرمان المتهمين من حقهم في المحاكمة العادلة، ومن أنّ الإجراءات المتبعة لإصدار الأحكام لم تتسم بالشفافية ولم تخضع لإشراف مراقبين مستقلين. كما حال ذلك الأمر بدوره دون مشاركة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العملية ودون وصولهم إلى العدالة.

وكان قد سبق للعديد من المتهمين أن أكدوا مراراً حرمانهم من حقوقهم الأساسية، إن بعد احتجازهم أو خلال الإجراءات القانونية. فاشتكوا من حرمانهم من الحق في إبلاغهم سريعاً بالتهم الموجهة ضدهم، وفي تعيين محامٍ لهم، كما اشتكوا من أنه لم يُسمح لهم بالطعن في الأدلة الموجهة ضدهم، أو بحضور محاكماتهم. كما صدرت ادعاءات خطيرة تفيد بتعرّض المتهمين للمعاملة السيئة أثناء الاعتقال. ونتيجةً لذلك، شكّكت بعض الوكالات المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في أن تكون المحاكمة قد استوفت المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

كما تخوّفت "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أيضاً من كون الإجراءات القانونية لم تنجح في تحديد المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم الوحشية التي ارتكبت أو إثبات سلسلة القيادة التي سمحت بارتكاب تلك الأفعال. فعوضاً عن ذلك، اعتُبر الكثير من المتهمين مسؤولين بالتشارك عن جرائم منسوبة أصلاً لنظام القذافي، من دون أن يتم التوصّل إلى أدلة تثبت تورّطهم بتلك الأفعال على المستوى الفردي. كما لم تتح المحكمة القبول بأدلة جديدة في الإجراءات. وقد حال ذلك دون التوصل إلى الحقيقة في ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمّ النظر فيها خلال الإجراءات.

وأكّد توماس إيبس، المدير بالوكالة لمنظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، بقوله: "لم تضمن الأحكام الصادرة في 28 يوليو حق المتهمين في المحاكمة العادلة، وهي بالتالي تكاد أن تقوّض إمكانية تحقيق العدالة. وبذلك، تكون الإجراءات قد حرمت الضحايا وأفراد عائلاتهم من فرصة الاستماع إلى الحقيقة، وحالت دون التأكّد من أنّ مرتكبي الجرائم يتحمّلون فعلاً مسؤولية أفعالهم."

من جهةٍ أخرى، تُطرح الشكوك في ما يتعلق بقدرة المحكمة على النطق بقراراتٍ مستقلة ومحايدة، نتيجة تردّي الأوضاع الأمنية في ليبيا وباعتبار أنّ الدعاوى المطروحة حساسة من الناحية السياسية. فالقضاء في ليبيا، ككلّ، يعتبر متوقفاً فعلياً عن العمل منذ فبراير 2014، في ما يخصّ البت بجميع القضايا، باستثناء دعاوى جنائية نادرة، وذلك بسبب ارتفاع أعمال العنف ضدّ الهيئات القضائية بقصد عرقلة الإجراءات القضائية والتأثير عليها. رداً على هذه المخاوف، كان لا بد من أن تتسم جلسات المحاكمة التي نظرت في دعاوى المسؤولين السابقين في عهد القذافي بالشفافية والانفتاح في عملية صنع قراراتها.

وبالرغم من أنه قد تم تعديل القانون الليبي للسماح ببث المحاكمات على الهواء مباشرة ، لم يجر بثّ الجلسات جميعا و بثّ بعضها بشكلٍ جزئي. كما منعت المحكمة مراقبة المحاكمات ووصول العامة إليها. ومُنع مراقبو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من حضور إجراءات المحاكمة شخصياً اعتباراً من يونيو 2014. من هنا، فإنّ غياب المراقبة المستقلة طيلة فترة المحاكمات يثير مخاوف جدية تتعلق بمدى استعداد المحكمة لقيادة إجراءات عادلة. وبالتالي، فإنّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" قلقة جدياً حيال شرعية عملية صنع القرارات القانونية التي لجأت المحكمة إلى النطق بأحكامها على أساسها.

وعليه، تناشد "محامون من أجل العدالة في ليبيا" المحكمة العليا بمراجعة الحكم مراجعةً شاملةً على نحو مستقل وغير منحاز. وعند قيامها بذلك، لا بد للمحكمة العليا من أن تأخذ في الحسبان بواعث القلق الحالية وأن تعالج المخاوف في ما يتعلق بشرعية الأحكام الصادرة.

وأعلن إيبس بقوله: "تطرح إجراءات المحاكمة الأخيرة مخاوف خطيرة في ما يتعلق بقدرة النظام القانوني الليبي على تحقيق العدالة في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان. ولكنها تمثل أيضاً فرصةً تتيح لليبيا معالجة مواطن الضعف في نظامها، وحماية حقوق المتهمين والضحايا. فهذه الفترة بمثابة مرحلة انتقالية من شأنها أن تؤثر على تحقيق العدالة في هذه القضية وفي قضايا أخرى كثيرة في المستقبل".

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك